ماكرون يراهن على الإجازة الصيفية لتجاوز فضيحة بن آلا |
تعتبر المعارضة الفرنسية أن قضية بن آلا وعدم تعريضه للمساءلة القانونية في حينه، تظهر أن ماكرون سهّل قيام نظام أمني – سياسي مواز، ذو صلاحيات تتخطى صلاحيات الأجهزة الأمنية الأخرى، ويشكل بن آلا جزءاً من هذا الجهاز عندما شارك من خارج الأجهزة الأمنية التقليدية في قمع متظاهري الأول من أيار، من دون حتى أن تتجرأ قادة جهاز مكافحة الشغب على طرح السؤال حول سبب تواجده مع عناصر الجهاز في تنفيذ هذه المهمة. ربما هي المرة الأولة في تاريخ فرنسا، الذي تجتمع فيه المعارضة بمختلف أطيافها على موقف واحد في مواجهة ماكرون
وربما هي المرة الأولة في تاريخ فرنسا، الذي تجتمع فيه المعارضة بمختلف أطيافها على موقف واحد في مواجهة ماكرون وما بات يسمى في باريس "فرقته" للاشارة إلى المجموعة التي تحيط بماكرون في الأليزيه، فنرى جان لوك ميلونشون، زعيم حزب أقصى اليسار "فرنسا غير الخاضعة" والحزب الشيوعي إلى جانب مارين لوبن، زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة، بالاضافة إلى الحزبين التقليديين "حزب الجموهريين" اليمني المعتدل والحزب الاشتراكي، مجتمعين في جبهة واحدة وعلى موقف سياسي واحد، يشاركون معا في جلسات لجنة التحقيق البرلمانية التي أنشئت للنظر بهذه القضية منذ اسبوع، وقرروا معا أمس (26.07.18) مقاطعة هذه الجلسات بعد شعورهم بأنها "بلا نتيجة" بسبب سيطرة الأكثرية النيابية التابعة لماكرون عليها. وفيما يحاول ماكرون، الذي فضل في بداية هذه الفضيحة في 18 الجاري عدم التعليق على الأمر أمام الاعلام، تحجيم القضية والابقاء عليها في اطارها القضائي – الوظيفي، نجحت قوى المعارضة بتحويلها إلى قضية سياسية وإعلامية بامتياز، فجلسات الاستجواب التي يعقدها يومياً البرلمان الفرنسي تنقل مباشرة على الشاشات الفرنسية، مع تركيز واضح من قبل ممثلي المعارضة على توجيه اتهامات مباشرة لفريق ماكرون بارتكاب انتهاكات من خلال إخفاء معلومات عن بن آلا وما ارتكبه من أعمال عنف وعدم محاسبته بشكل جدي بدل الاكتفاء بتوقيفه عن العمل لمدة 15 يوماً بلا راتب. وتعتبر المعارضة الفرنسية أن قضية بن آلا وعدم تعريضه للمساءلة القانونية في حينه، تظهر أن ماكرون سهّل قيام نظام أمني – سياسي مواز، ذو صلاحيات تتخطى صلاحيات الأجهزة الأمنية الأخرى، ويشكل بن آلا جزءاً من هذا الجهاز عندما شارك من خارج الأجهزة الأمنية التقليدية في قمع متظاهري الأول من أيار، من دون حتى أن تتجرأ قادة جهاز مكافحة الشغب على طرح السؤال حول سبب تواجده مع عناصر الجهاز في تنفيذ هذه المهمة. وتلمّح المعارضة الفرنسية إلى "قطبة مخفية" في هذا الملف وتطرح علامات استفهام حول الأسباب التي تقف خلف اصرار الرئيس الفرنسي على حماية حارسه الشخصي وعدم اقالته من منصبه فور ارتكابه أعمال العنف في حينه، في وقت لم يتوانى عم دفع قائد الجيوش الفرنسية السابق الجنرال بيار دوفيلييه من منصبه بسبب تصريح لهذا الأخير عبّر فيه عن امتعاضه من نية ماكرون تخفيض ميزانية الجيش العام الماضي. وفي أول تصريح له بعد خروجه عن صمته، حاول ماكرون شن هجوم معاكس على المعارضة، لكن الهجوم ارتد عليه بسبب خطأ كبير ارتكبه عندما أعلن أنه "المسؤول الوحيد" عن كل ما يجري في الاليزيه وأن فريقه قام "بواجباته على أكمل وجه"، ووجه كلامه للمعارضة قائلاً "اذا أردتم محاسبة المسؤول فأنا موجود"، وقد أثار هذا التصريح حفيظة المعارضة والصحافة الفرنسية في آن، على اعتبار أن ماكرون يعلم تماماً أنه بعيد من المحاسبة بفضل الحصانة التي يؤمنها له الدستور الفرنسي كرئيس للجمهورية لا يتعرض للمحاسبة أمام البرلمان الا في حالات نادرة جداً لا تنطبق على قضية بن آلا، واعتبرت المعارضة أن ماكرون يمارس "النفاق السياسي". أمام هذا الواقع، تبدو الخيارات قليلة جداً أمام الرئيس الفرنسي، ويٌتوقع أن لا تنتهي القضية مع بدء موسم الاجازات الصيفية، فالمعارضة الفرنسية على اختلاف تياراتها وأهوائها السياسية، ستنتظر ماكرون مع عودة الحياة السياسية نهاية الصيف لمواصلة الضغط عليه وربما، بحسب المحللين الفرنسيين، سيضطر ماكرون في النهاية للتضحية بعدد مساعديه المقربين في الاليزيه لحماية العهد. بكل الأحوال، فإن قضية بن آلا، التي تضخمت ككرة ثلج وتحولت من حادثة منفصلة يمكن أن تحصل في أي مكان في العالم، إلى قضية تهز فرنسا والعهد منذ نحو أسبوعين، أظهرت هشاشة وضعف ولاية أمانويل ماكرون الذي حظي حتى الآن ومنذ حملته الانتخابية على دعم كامل من الشركات الكبرى والمؤسسات المالية والمصارف بالاضافة إلى معظم وسائل الاعلام، والملاحظ خلال الأيام الأخيرة أن عدداً من الوسائل الاعلامية الفرنسية التي تدعم ماكرون بشكل كامل كقناة "بي أف أم تي في" بدأت تشارك في حملات الانتقاد لماكرون وفريق عمله.
|