3 تحديات أمام مشروع الصرف الصحي بنواكشوط / د. يربان الحسين الخراشي |
الجمعة, 08 سبتمبر 2023 17:53 |
يتعايش ساكنة نواكشوط مكرهين مع الكثير من المشاكل المعقدة والمترابطة على رأسها التوسع الأفقي
والتمدد العمراني للمدينة، والتردي الكبير في خدمتي الماء والكهرباء، ورداءة خدمات النقل الحضري، وكذلك استفحال ظاهرة سرطان المدينة أو أحزمة الفقر والحرمان. كلها مشاكل خطيرة تتفاقم يوما بعد يوم، إلا أن مشكلة الصرف الصحي وصرف مياه الأمطار تعد المشكلة الأبرز التي تؤرق الحكومات المتعاقبة منذ عقود، وباتت تلقي بآثارها على واقع حياة ساكنة العاصمة من جميع النواحي الاقتصادية، والاجتماعية، والصحية والبيئية. التحدي الأول، يتعلق بالتمويل، إذ سبق للحكومة الموريتانية أن وقعت سنة 2010 مع شركة صينية على اتفاقية لتعبئة الموارد المالية لتنفيذ أشغال نظام التصريف المشترك الذي يجمع ما بين نظام الصرف الصحي ونظام صرف مياه الأمطار بقيمة 1.361 مليار يوان (حوالي 209 مليون دولار)، إلا أن الشركة لم تتمكن من تعبئة التمويل الضروري في الآجال المحددة حسب تصريحات رسمية، وخلال مؤتمر الأمم المتحدة للمياه المنعقد بنيويورك مارس الماضي، تحدث وزير المياه والصرف الصحي الموريتاني عن أن مشروع الصرف الصحي يتطلب تعبئة 450 مليون دولار، وهذا المبلغ الكبير الذي يشكل حوالي 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي الموريتاني، وحوالي 10.4% من إجمالي الدين الخارجي الموريتاني لسنة 2022 يصعب الحصول عليه في ظل الظرفية الاقتصادية والمالية العالمية الحالية التي تتسم بحالة من عدم اليقين، ورفع الفيدرالي الأمريكي المتواصل لسعر الفائدة في ظل موجة أزمة ديون خطيرة تجتاح الدول النامية، ومما يزيد الطين بلة تبني الصين بعد الأزمات
العالمية المتتالية لاستراتيجية جديدة تجاه القروض الموجهة للدول النامية تعطي الأولوية للمشاريع ذات الجدوى الاقتصادية على حساب مشاريع الخدمات، كما تعتمد عدة معايير جديدة أكثر صرامة.
أما التحدي الثالث فهو سياسي حيث تقترح الخطة الرئيسية للصرف الصحي لمدينة نواكشوط، التي تم وضعها سنة 2017 تقسيم المدينة إلى ثلاثة مناطق المنطقة الألى وتضم (تفرق زينة ، ولكصر ، وسبخة وجزء من الميناء)، المنطقة الثانية ( الجزء المتبقي من الميناء وعرفات والرياض) و المنطقة الثالثة تضم (دار النعيم وتيارت وتوجونين) هذه التقسيمة تطرح تحديات قد تكون لها تكاليف سياسية كبيرة في حالة تم التنفيذ على مراحل، ومع ذلك يبقى التحدي السياسي الأكبر يتمثل في مدى الاستعدادات لمتابعة واستكمال المشروع من قبل النظام القادم، إذ من المستبعد التخطيط وتحصيل التمويل والتصميم والإنتهاء من المشروع في غضون خمس سنوات، ولطالما شكلت النسخة السيئة من ديمقراطية لابول الشكلية أكبر عائق أمام المشاريع الاستراتيجية التنموية في البلد .
|