هل يستفيد الموريتانيون من الدرس المصري؟
الأحد, 28 يوليو 2013 13:38

د.محمدٌ ولد محمد غلام

في مثل هذا اليوم من الأسبوع المنصرم، كتبت في هذه الزاوية حول ما يفترض أنه استفادة، استفادها الانقلابيون في مصر – عساكر ومدنيين – من الدرس الموريتاني المتمثل في انقضاض مجموعة من العساكر الموريتانيين الحانثين بأيمانهم العسكرية، والناكثين لعهودهم الدستورية، على أول تجربة ديموقراطية ذات مصداقية في العالم العربي، بالانقلاب على الرئيس المدني المنتخب

سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله (بحجة عزله أحدَ حراس القصر الرئاسي) وبدعم من "كتيبة" من النواب و"رجال" القانون والدين والأعمال...

لقد كان التشابه شديدا بين التجربتين، إلى حدّ يمكن معه الجزم بأنهما – تخطيطا وتهيئة وتنفيذا – صدرا من مشكاة واحدة؛ يعتقد أنها "مشكاة" عبَدة الدينار والدرهم في البلدين؛ الخائفين من ضياع مصالحهم الشخصية وعلى "أمجادهم" ووجاهتهم التي بنوها بأموال الضعفاء المنهوبة، وببيع ولائهم وولاء من يعتبرونهم أتباعا يجب أن يحرموا من التمدرس والتوعية وحتى التغذية؛ كي يظلوا "أتباعا" لهؤلاء.. ثم من مشكاة أصدقائهم الإقليميين ممن ترتجف أفئدتهم وترتعد فرائصهم من انتقال عدوى الديموقراطية إلى الشعوب العربية الرازحة تحت أحكامهم الأسرية المتخلفة، وأخيرا (أقتبس من مقال الأسبوع الماضي) "انسجاما مع ما يفرضه أسيادهم في العالم الغربي ويفترضونه؛ من أن على الشعوب العربية والإسلامية أن تظل قابعة تحت سيف المهانة ونير الاستبداد"

أما اليوم، فنتحدث عما يمكن أن يستفيده الموريتانيون – عساكر ومدنيين - من الدرس المصري؛ حيث خَزاية الانقلاب العسكري على الشرعية الدستورية، وشؤم المساندة "المدنية" للتنكر لمخرجات صناديق الاقتراع، في مقابل نصاعة شرف النضال السلمي؛ نصرةً للحق وتمسكا بقيم الحرية والعدالة...

أجل! إن على عساكرنا الممسكين بزمام الحكم في بلادنا، أن يستفيدوا من الدرس المصري؛ بالنظر إلى أنفسهم في المرآة المصرية العاكسة؛ حيث فضيحة الانقلاب على الشرعية والحنث باليمين التي أقسم عليها المنقلِب (هنا وهناك) أمام رئيسه المنتخب؛ باحترام الدستور والقيام بمهامه كما يحددها القانون (كيف يبتلع المسلم ذلك الحنث الآثم؟) ثم ليروا أنفسهم في المرآة المصرية – أيضا – حيث خزاية العسكري الناقض لعهده (بيعته الشرعية) مع قيادته السياسية، المتسبب في تقهقر دولته وتأخرها عن ركب التقدم والحضارة والديموقراطية، والعامل على تنكيس رؤوس أبنائها أمام أبناء الأمم المحترمة، وهم يتجرعون مهانة وصف بلادهم ببلاد الانقلابات والأحكام الأحادية!!

ثم إن على "نخبتنا" السياسية الموالية للحاكم المتغلب – أيا كان – والداعمة للانقلاب العسكري على الشرعية الدستورية والمسؤولة عن إفراغ العملية الديموقراطية من مضمونها ومصداقيتها، وترسيخ مفاهيم الإحباط والخنوع؛ سلوكا حاكما للمواطن الموريتاني، عليهم أن يروا أنفسهم في المرآة المصرية؛ حيث سقطت أوراق التوت عن أترابهم من داعمي الانقلابات العسكرية والمتنكرين لإرادة الشعوب، و"الواقفين" في صف الظلم والعسف، والمساندين لإراقة دماء إخوتهم في الوطن، ومصادرة الحريات الإعلامية والفردية في بلادهم، رعاية لمصالحهم الخاصة، وحفاظا على وتيرة تأخر أمتهم وتخلف شعوبهم...

وأخيرا – وليس آخرا - على القوى السياسية الساعية إلى ترسيخ النهج الديموقراطي في موريتانيا، والرامية إلى ترسيخ فكرة احترام المواطن والتضحية من أجل الوطن، أن تستفيد من الدرس المصري؛ حيث الصبر على النضال من أجل رفعة الوطن وصون كرامة المواطن، ثم الصبر على سلمية هذا النضال رغم فاتورته المكلفة... عليهم أن يروا أنفسهم في المرآة المصرية حيث شرف الوقوف في وجه الظلم، ورفعة الانحياز إلى صفّ الشعب المصادرةِ إرادتُه، بكل عزيمة وإصرار...

خلاصة القول إن على القوى الموريتانية المختلفة (منقلبين ومصفقين وساسة مجدّين) أن يستفيدوا من الدرس المصري، وأن يروا أنفسهم من خلال المرآة المصرية الكاشفة؛ كل من زاويته، كيما نستفيد من الدرس المصري بعد الاستفادة المصرية المفترضة من الدرس الموريتاني.

نقلا عن وكالة الاخبار المستقلة

 

رتل القرآن الكريم

إعلان

إعلان

فيديو

الجريدة

إعلان